Posted by : مجالي البوق الخميس، 22 سبتمبر 2016



- المَوقِفُ الشّرعِيُّ مِن جَمَاعَةِ الدّولَةِ -






إننا نختلف مع المدعو(إبراهيم عواد البدري)، المعروف بأبي بكر البغدادي ( أمير جماعة
الدولة )، ونرى أنه من الخوارج والبغاة، ونرى أنه من أهل النفاق الذين عناهم الله- تعالى-
بقوله:

 وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ
صُدُودًا[1] .

فكم دُعيَ البغداديُّ وجماعتُه إلى الصلح وإلى التقاضي والتحاكم إلى شريعة الله من قِبل أهل
العلم، ومن شيوخ الجهاد وقادته، فأبَوْا إلا شريعة الغاب واستكبروا على شرع الله، واعتذروا
بأعذارٍ واشترطوا شروطًا ليست في كتاب الله ولا في سنة رسوله- صلى الله عليه وسلم-، و أصبح حالهم

كحال المنافقين الذين قال الله- تعالى- عنهم : ” فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ
جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا[2] فلا ينفع الاعتذار عن التحاكم إلى شرع
الله- مهما أبدى المعتذر من أسباب-.

ونرى - كذلك - قتاله ومن معه؛ لأسبابٍ عدّة ،كل سببٍ منها كافٍ لقتاله، فكيف بها
مجتمعة؟!

فأولها: كونهم من البغاة، وقتالُهم امتثالٌ لأمر الله - عزَّ وجلَّ - في قوله: ” وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ۖ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي
تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِاللهِ[3]، وهُم قد أبَوْا كل دعوةٍ إلى الصُلح والإصلاح بل وحتى عقد
الهدنة بينهم وبين باقي الجماعات الجهادية، فلم يبقَ بعد ذلك إلا امتثالُ أمرِ الله بقتالهم
حتى يرجعوا ويتحاكموا إلى شرع الله ويرضوا بالصلح، وهذا السبب- في مشروعية قتالهم- لا
ينبغي أن يكون محل خلاف بين أهل العلم و لابين المجاهدين.




وثانيها: كونُهم من أهل النفاق؛ لإعراضهم عن التحاكم إلى شرع الله وقد قال الله- تعالى- في
 شأن المنافقين: 

لَئِن لّم يَنتَهِ المُنَافِقُونَ والذينَ فِي قُلُوبِهم مَرَضٌ والمُرجِفُونَ فِي المدينَةِ لنُغرِيَنّكَ بِهِم
 ثُمّ لَا يجُاوِرُونَكَ فِيها إلاّ قلِيلًا مَّلعُونِينَ أينَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وقُتِّلُوا تَقتِيلًا سُنّةَ اللهِ
 فِي الذينَ خَلَوا مِنْ قَبْلُ ولَن تَجِدَ لِسُنّةِ اللهِ تَبْدِيلاً [4]
فهذا حكم الله فيهم أن يؤخذوا ويقتَّلوا حيثما وجدوا.



وثالثها: كونُهم من الخوارج؛ فالأسس التي انتهجوها في التكفير ليست هي الأسس التي عند أهل
السنة والجماعة؛ فهم لا يراعون ضوابط التكفير من توفر شروطه وانتفاء موانعه، ويتساهلون
فيه، ويجعلون ما ليس بكفر كفرًا، وقد أصبح واضحًا جليًّا تساهلُهُم في التكفير والحكمِ بالردة
على المسلمين والمجاهدين، وقد يكون ذلك بمجرد الظن والتهمة، بل وصل الأمر بهم إلى تكفير
من يقاتلهم، مع توسِّعهم في القتل للمصلحة واستفاضة ذلك عنهم مما يدل على تهاونِهم في أمر
الدماء، ولكن - ومع كونهم خوارج- إلا أننا لا نحكم بكفرهم وردتهم.[5]


ورابعها: أنهم بامتناعهم عن التحاكم إلى شرع الله باتوا ممتنعين عن شريعة من أعظم شرائع
 الإسلام ألا وهي التحاكم إلى شرع الله، ولا يخفى أن الطائفة الممتنعة عن بعض شرائع الإسلام
تُقاتَل حتى تذعن وتُسلِّم لأمر الله وتفعل الذي امتنعتْ عن فعله من شرائع الإسلام، أو تترك ما
امتنعت عن تركه من المحرمات.

وهكذا هنا، فإنهم يقاتَلون حتى يذعنوا ويقبَلوا بالتحاكم إلى شرع الله، فهؤلاء يجب قتالُهم، ولا
 يكون قتالُهم لمجرد دفعِ صيالهم وإنما يُقَاتَلونَ ابتداءً للأسباب المذكورة، وإنَّ أيَّ تأخرٍ في
قتالهم سوف يؤدي إلى أن يَعظُم شرُّهم وفسادُهم وبغيُهم وفتنتُهم، وأما أن يبقى الباب مفتوحًا
ويطول الانتظار في عرض التحاكم إلى شرع الله عليهم والوقوف على الحياد والتردد في
قتالهم، فإن هذا سيفضي إلى تعاظم خطرهم واستشراء شرهم؛ وبالتالي قد تعظم قوتهم وينخدع
بهم الرعاع ويبايع لهم السفهاء، ثم قد يميلون على من خالفهم ولم يبايعهم ميلة واحدة وعندها لا
 ينفع الندم.

إنهم قد رفضوا التحاكم إلى شرع الله، واستكبروا عليه يوم أن كانوا يرون أنهم دولة، فكيف وقد
أصبحوا يرون أنهم خلافة- على منهاج النبوة-؟! هل يتوقَّع منهم أن يستجيبوا إلى مثل هذا
الطلب وهم بهذه الحال؟
وإلى متى يبقى الباب مفتوحًا لانتظارهم حتى يقبلوا بالتحاكم إلى شرع الله فيما شجر بينهم
وبين خصومهم من الجماعات الجهادية؟


إنّ التردد في قتالهم لهو من الورع البارد، وسيكون ذلك سببًا في تأخر حصول النصر
للمسلمين والقضاءِ على النظام النُصيري البعثي الباطني الكافر المرتد، ومن زعم أنّ قتالَهم هو
من باب الفتنة فهذا كان فيما مضى حينما كانت الأمور ملتبسةً، أما وقد ظهرتْ حقيقتُهم
وتكشفتْ سرائرُهم وأصرُّوا على الإعراض عن شرع الله والتحاكم إليه فيما شجر بينهم وبين
المجاهدين، وأظهروا تكفيرهم للمجاهدين، فإن الفتنة ليست في قتالهم بل في ترك قتالهم؛ لأن
 الله أمر بقتالهم، وترك أمره هو الفتنة، فإنه يقول: " فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله"،
 ومن زعم أن قتالهم- مع بغيهم وعدوانهم ورفضهم الصلح وتكفيرهم للمجاهدين-، من زعم أن
 ذلك فتنة فهو كالذي يقول: إن الله أمر بالفتنة- تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا-.

فإن قال: لست أرد على الله أمره، وإنما أعترض على تنزيل هذا الوصف- البغي- على جماعة
الدولة؛ فإنهم قد بُغِيَ عليهم، قلنا: أما اعتراضك على تنزيل هذا الوصف عليهم، فإنه مكابرة،
وإنكار للواقع المحسوس، وحتى لو قُدِّر أنهم ليسوا كذلك فإن البغي في الآية ليس فقط لأنهم
ظلموا واعتدوا، بل إن البغي لازم لهم؛لأنهم تركوا ورفضوا الصلح، والله يقول:

" فقَاتِلُوا الّتِي تَبْغِي حَتّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ"، وقد قال أهل العلم: إن هذه الآية أصل في
 جواز قتال كل من امتنع عن حق، وهؤلاء قد امتنعوا عن التحاكم إلى شرع الله فيما شجر
 بينهم وبين خصومهم، ومن رأى أن كل قتال وقع بين المسلمين هو قتال فتنة يجب اعتزاله
- دون نظر إلى غاية هذا القتال والمقصود منه- فقد غلط، ولم يفهم النصوص الشرعية في هذا
الباب.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله-:
 " فإن الله يقول في القرآن : " وَقَاتِلُوهُمْ حَتّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ
لِلهِ "،  والدين هو الطاعة، فإذا كان بعض الدين لله، وبعضه لغير الله وجب القتال حتى
يكون الدين كله لله ; ولهذا قال الله تعالى: " يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا اتّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا
بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ *  فَإِن لّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ
وهذه الآية نزلت في أهل الطائف لما دخلوا في الإسلام، والتزموا الصلاة والصيام ;
 لكن امتنعوا من ترك الربا ، فبين الله أنهم محاربون له ولرسوله إذا لم ينتهوا عن الربا" [6] .

فها هو- رحمه الله- يرى أن قتال هؤلاء المرابين الذين لم ينتهوا عن الربا هو امتثال لقوله
- تعالى- : " وَقَاتِلُوهُمْ حَتّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلهِ  " ، فلا يكون امتثال أمر
الله في قتال طائفة امتنعت عن فعل واجب أو ترك محرم وحملها على أن تفعل الواجب أو على
أن تترك المحرم، لا يكون هذا من الفتنة- مع أنه قتال بين مسلمين-.


وقد قال - رحمه الله- موضِّحًا ذلك:
" اتفق علماء المسلمين على أن الطائفة الممتنعة إذا امتنعت عن بعض واجبات
 الإسلام الظاهرة المتواترة؛ فإنه يجب قتالها إذا: تكلموا بالشهادتين وامتنعوا عن
 الصلاة والزكاة، أو صيام شهر رمضان، أو حج البيت العتيق، أو عن الحكم بينهم
بالكتاب والسنة " إلى أن قال: "  فإنهم يقاتلون عليها حتى يكون الدين كله لله". اهـ .[7] 

وقد امتنع البغدادي وجماعته من التحاكم إلى الكتاب والسنة فيما شجر بينه وبين غيره من
 المجاهدين؛ فقتالهم ليس من الفتنة، بل حتى يكون الدين كله لله.

وقال أيضًا موضِّحًا لمعنى الفتن:

" الفتن مثل الحروب التي تكون بين ملوك المسلمين وطوائف المسلمين- مع أن كل
 واحدة من الطائفتين ملتزمة لشرائع الإسلام- ، مثل ما كان أهل الجمل وصفين ،
وإنما اقتتلوا لشبه وأمور عَرَضت.
وأما قتال الخوارج ومانعي الزكاة وأهل الطائف الذين لم يكونوا يحرمون الربا،
 فهؤلاء يقاتلون حتى يدخلوا في الشرائع الثابتة عن النبي- صلى الله عليه وسلم-.

وهؤلاء إذا كان لهم طائفة ممتنعة فلا ريب أنه يجوز قتل أسيرهم، واتباع مدبرهم
والإجهاز على جريحهم ؛ فإن هؤلاء إذا كانوا مقيمين ببلادهم على ما هم عليه فإنه
 يجب على المسلمين أن يقصدوهم في بلادهم لقتالهم حتى يكون الدين كله لله "[8]. 

وإن قتال البغدادي وجماعته لا يخرج عن هذا؛ فهو قتال لبغاة، وخوارج، ومنافقين، وطائفة
امتنعت عن التحاكم إلى شرع الله؛ فمن ظن أن هذا القتال من الفتنة فإنه لم يفهم معنى الفتنة ولا
النصوص الواردة فيها.




[1] سورة النساء، آية: 61.
[2] سورة النساء، آية: 62.
[3] سورة الحجرات، آية: 9.
[4] سورة الأحزاب، الآيات: 60-62.
[5] قال الحافظ ابن حجر في الفتح ج12، ص300 : " وذهب أكثر أهل الأصول من أهل السنة إلى أن الخوارج فُسّاق، وأن حكم الإسلام يجري عليهم؛ لتلفُّظِهِم بالشهادتين، ومواظبتهم على أركان الإسلام ، وإنما فُسِّقوا بتكفيرهم للمسلمين مستندين إِلَى تَأْوِيل فَاسِد، وجرّهم ذلك إلى استباحة دماء مخالفيهم وأموالهم، والشهادة عليهم بالكفر والشرك "، ونقل عن الخطابي الإجماع على ذلك حيث قال: قال الخطابي:          " أجمع علماء المسلمين على أن الخوارج- مع ضلالتهم- فرقة من فرق المسلمين، وأجازوا مناكحتهم، وأكل ذبائحهم، وأنهم لا يكفرون ما داموا متمسكين بأصل الإسلام "، ونقل أيضًا عن ابن بطال قوله: " ذهب جمهور العلماء إلى أن الخوارج غير خارجين عن جملة المسلمين؛ لقوله: " يَتَمَارَى فِي الْفُوق " لأن التماري من الشك ، وإذ وقع الشك في ذلك لم يُقطَع عليهم بالخروج من الإسلام ، لأن من ثبت له عقد الإسلام بيقين، لم يخرج منه إلا بيقين " اهـ..
قال النووي في شرح مسلم، ص135، عند شرح الحديث رقم: ( 111 ) : " المذهب الصحيح المختار الذي قاله الأكثرون والمحققون: أن الخوارج لا يُكفّرون كسائر أهل البدع ".

[6]  انظر: مجموع الفتاوى، ج28، ص544.
[7] انظر مجموع الفتاوى، ج28، ص545.
[8] انظر: مجموع الفتاوى، ج28، ص 551.


{ 3 التعليقات... read them below or Comment }

  1. مجرد سؤال. انت تقول عنهم بغاة و خوارج فاذا قالوا هم انكم بغاة و خوارج من يكون الباغي و الخارجي من الفريقين؟؟ و ما هو ميزان حكم البغاة و الخوارج ؟ فصفات الخوارج الي حدث عنها النبي صلى الله عليه واله وسلم لا تنطبق عليهم

    ردحذف
    الردود
    1. لا مانع من الإجابة على سؤالكم-بارك الله فيكم- ولكن أحب أن أسأل قبلها:
      هل أنتم من مؤيدي البغدادي وجماعته أم لا؟
      وذلك لأنكم إن كنتم من مؤيديهم فإن هذا التأييد يولّد نوعًا من التعصب لهم يعمي عن إبصار الحق ولو كان واضحًا مثل الشمس في رابعة النهار وبالتالي لا جدوى من تقرير هذه المسألة، ثم قد ذكرت في البيان وجه كونهم بغاة وخوارج ولكن الظاهر أنكم لم تقرأوا بعين بصيرة كلامي الذي ذكرته في البيان عنهم في هذه المسألة، فإذا رجعتم إلى ما كتبته فيمكن أن تناقشوني فيه وأما قولكم ( أن صفات الخوارج لا تنطبق عليهم ) فهذا معناه أنكم لا تعرفون صفات الخوارج ولا عقيدتهم أو أنكم لستم مطلعين على حال البغدادي وجماعته إلا من خلال ما يصدرونه من بيانات وإصدارات وهذا ليس كافٍ في معرفة واقعهم وبالتالي الحكم عليهم، وأنتظرُ جوابكم على ما قدمت من سؤال وبعدها أفيدكم بالإجابة إن شاء الله .

      حذف
  2. وارجو ان يكون الرد مخصص يعني ليس بالعموم من الكتاب و السنة ولا اريد رأي او فتوى من اي كان مع الشكر

    ردحذف

- Copyright © مجالي البوق - Skyblue - Powered by Blogger - Designed by Johanes Djogan -